لا أريد في هذا المقال أن أشرح مفهوم الجودة بالعودة إلى جذورها التاريخية أو أسباب ظهورها في البيئات الانتاجية أو حتى أدبياتها.
لأني أريد الدخول في الموضوع من خلال مايشد انتباهنا كمهتمين في مجال الجودة أو موظفين تنفيذيين، حيث نلاحظ سباقاً محموماً بين المنظمات الإدارية وخاصة التعليمية للحصول على الاعتمادات الخاصة بالجودة الإدارية والأكاديمية.
السؤال المهم لماذا هذا الاهتمام؟
الجواب: هناك رغبة حقيقة في التغيير والتحسين يتجسد ذلك بطرح عدد كبير من المبادرات الاستراتيجية والتكتيكية جميعها تشترك في الأهداف التالية:
- تقليل التكاليف- من ضمنها وقت الانجاز- وزيادة الانتاجية.
- تحسين طرق أداء العمليات اليومية.
- موارد بشرية بتدريب عالي ومهارات احترافية وأكثر رضا وظيفي.
- تحسين مستوى رضا العملاء.
الاختلاف الحقيقي بين تلك المبادرات يكون فقط في المنهج الذي تسلكه كل مبادرة لتحقيق هذه الأهداف.
نجد الآن أن بيئات الأعمال في المنظمات الأكاديمية تعج وتزدحم بكم هائل من المبادرات والخطط الاستراتيجية والبرامج، ومحاولة تلبية متطلبات الاعتمادات الدولية المختلفة للجودة بكافة مجالاتها الإدارية والأكاديمية والفنية.
ولكن غياب التنسيق بين تلك المبادرات يسبب عدم فاعليتها أو عدم كفاءتها في أحسن الأحوال وذلك يرجع كله إلى فشل الربط بين النية الاستراتيجية والتطبيق العملي.
وفشل الربط بين مانريد أن يكون وبين مانعمل فعلاً لتحقيق ذلك هو :
- كل مبادرة تقودها جهة داخل الجهاز مما يربك القيادات الوسطى والموظفين.
- كل مبادرة لها منهج مختلف ومتطلبات مختلفة مما يؤدي إلى اجهاد متكرر للوحدات الادارية لتحقيق متطلبات كل مبادرة.
- الموظفين الذين يؤدون المهام التشغيلية ينظرون إلى تلك المبادرات على أنها نوع من الترف الإداري يزيد أعباء المهام اليومية ويعقد الاجراءات الاعتيادية.
- لايتم دمج تلك المبادرات بالعمل اليومي حيث تصبح جزء من الاجراءات بدل أن تصبح اجراء مستقل.
- مع الوقت يقل دعم تلك المشاريع بسبب كثرتها وتشعبها وغياب التنسيق بينها أوبين الجهات متبنية تلك المبادرات.
فالطريقة الأوفق لتحقيق نتائج واقعية هي جمع تلك المبادرات في مشروع واحد تطويري تقوده وحدة إدارية متخصصة وتشرف عليه ويكون للمشروع خطة عمل تنبثق عنها برامج محددة لكل برنامج مدة زمنية محددة نتائجها قابلة للقياس ليسهل متابعة انجاز كل مبادرات على حدة وانجاز عملية التغيير المراد تحقيقها في المنظمة أياً كانت وظيفتها واحداث تغيير حقيقي في طرق انجاز المهام اليومية وثقافة العمل.